لقد كنت محظوظا مؤخرا بالذهاب لأول مرة لحضور مؤتمر إطلاق هواتف أيفون جديدة في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، و كانت تجربة رائعة أن أتواجد فعليا بين الحضور و أعيش أجواء الإعلانات الصاخبة لأبل من أرض الحدث. لكن بعيدا عن هذه الأجوال، فالمحتوى مهم أيضا، و صلب الأمر هو مدى تأثير قرارات أبل الجديدة و توجهاتها مع كافة منتجاتها القادمة. يقال أن هذا قد يكون مؤتمر أبل الأخير هذا العام، و ربما هذا هو سبب جمع إعلانات كثيرة خصوصا تلك التي تخص الأيفون و الأيباد في مناسبة واحدة لأول مرة.
منذ تجربة الماك بوك الجديد قبل فترة بسيطة، و أنا أعلم أن خاصية اللمس العميق ستصل الى أبعد من مجرد أجهزة اللابتوب، و ها نحن نرى أبل اليوم تنقلها الى الأيفون كما هو متوقع. و بالعادة في مثل هذه الإبتكارات الجديدة، أو أدوات التحكم المختلفة و الغير مألوفة للمستخدم، فإن من اسوأ الأمور التي يمكن أن تحصل هو مواجهة صعوبة عن تجربتها لأول مرة. و كما كنت متأملا من أبل، فإستخدام الخاصية كان سهلا و ميسرا منذ أول لحظة، كل ما فعلته هو اللمس المعتاد، ثم إعطاء قوة أكبر في الضغط إتجاه الشاشة لترى التأثير الجديد.
و إن تعلمنا شيئا من تجارب الماضي، فالخصائص الجديدة المتعلقة بالعتاد لا تعني شيئا دون ربطها بتطبيقات ذكية على مستوى البرمجيات. أبل لديها تاريخ حافل من هذه الناحية، و نعرف جيدا كيف نجح الأيفون الأول بصناعة الثورة في هذا المجال عندما قدم شاشة اللمس بالأصابع، ثم أكمل الإتقان بتقديم واجهة مستخدمة فريدة من نوعها سهل و يسيرة على أي مستخدم جديد. الأيفون 6S الجديد يعتبر بداية فقط، و رأينا بعض التأثيرات البديهية مثل القوائم الجانبية لبعض الأيقونات و التطبيقات، و أخرى أكثر فائدة مثل مشاهدة إستعراض رسائل البريد الإلكتروني و التحكم بالإختصارات و الدخول عبر ثلاث درجات مختلفة لعمق الضغط.
لكن الحقيقة تقال، أن الأيباد برو الجديد كان من أهم الخطوات الجديدة لأبل في رحلتها للمستقبل. مؤخرا عانت الأجهزة اللوحية من إنعدام الهوية، و مع تقديم هواتف يصل حجمها الى 6 إنش فإن الأجهزة اللوحية أصبحت غير منطقية للمستخدم و بديلها ربما يكون في جيبه. لقد فقدت الأجهزة اللوحية ما يميزها بسبب تواجدها في سوق سريع التغيير. لكن أبل أعطت الأيباد روحا جديدا عبر نسخة برو الجديدة، و في مؤتمر أبل الأخير تم رسم صورة أولية لما يمكن توقعه من هذه النقلة الجديدة لأحد أهم منتجات أبل في السنوات الأخيرة الماضية.
الأيباد برو على الورق يبدو مجرد جهاز لوحي جديد مع شاشة أكبر، و هذا ما يبدو من الصور، و قد يقول البعض من يحتاج شاشة بهذ الحجم يصعب حملها و نقلها. لكن الواقع مختلف تماما، فالأيباد برو يمثل صنفا جديدا من اللوحيات على خارطة أبل، و لم يأتي إطلاقا لتبديل الأيباد اير أو الميني. الأيباد برو تم تقديمه و في العين هدف واضح، و هو وضع الإنتاجية في أعلى قائمة الأولويات و مهام الجهاز الجديد. و لهذا السبب تم تقديم معالج A9x الجديد، و اللذي يقدم 1.8 مرات أداء معالج أيباد اير اللذي يعتبر الأعلى سابقا في قائمة لوحيات أبل.
بينما يمكن إستخدام الأيباد برو كجهاز ترفيهي كما هي لوحيات أيباد الأخرى، لكن أبل تريد أن يكون الجهاز أيضا متمكنا و جاهزا لتنفيذ أي مهام إنتاجية. التطبيقات التي رأيناها في المؤتمر كانت رائعة، مثل تلك المتعلقة بالمجال الطبي. لكن المفاجأة الحقيقية للحضور و المتابعين كانت ظهور مايكروسوفت على المنصة، و لعلي أذكر الصدمة على وجوه الحاضرين. هذه الخطوة الجريئة إن دلت على شيء فهي تدل على جدية أبل في تقديم جهاز رائع و عملي للمستهلك. و هذا أيضا يشير الى توجهات مايكروسوفت الجديدة، التي لم تتردد للحظة و حتى و هي تعلم أن البعض قد نطق بإسم جهازهها سيرفس كمنافس لما قد يكون عليه الأيباد الجديد.
الإنتاجية هدف رئيسي للجهاز الجديد، لكن لا يمكن تحقيقها عبر المعالج و الذاكرة فقط. أبل تيقن تماما أن مستخدميها يجب أن يحصلوا على أدوات أكثر دقة تساعدهم في تحقيق الإنتاجية المطلوبة عبر أيباد برو المتمكن الجديد. و هنا رأينا تقديم لوحة المفاتيح الذكية الجديدة، و التي كانت عبارة عن غطاء للأيباد أيضا في نفس الوقت. و في الجانب الآخر هناك “القلم الرصاص”، لكن لماذا القلم الرصاص بالتحديد؟ كان يمكن أن يطلق عليه قلما ذكيا أو شيئا مشابها؟ حسنا الأمر يتعلق بالطريقة التي يعمل بها هذا القلم، فهو يملك مخرج لايتننج للشحن أيضا.
القلم الجديد سمي بالقلم الرصاصلأنه يعمل بطريقة مشابهة لقلم الرصاص الحقيقي. ما أتحدث عنه هو أن القلم لن يتجاوب فقط مع مكان الضغط و قوته، بل يستطيع عبر حساسات في رأسه أن تستجيب الشاشة لدرجة ميلانه، و بالتالي يمكن التأثير على سماكة خط الكتابة أثناء الرسم مثلا. ربما أصابني القلق في البداية من مسألة شحن القلم، فنحن بالتأكيد لا نريد أجهزة إضافية لشحنها في حياتنا اليومية، و الخبر الجميل هو أن القلم يمكن أن يعمل نصف ساعة كاملة بعد شحن 15 ثانية فقط.
قد يعتقد البعض أن الأيفون و الأيباد هي أهم إعلانات المؤتمر، و هذا صحيح الى درجة ما، لكن إعجابي الأكبر إنصب إتجاه جهاز Apple TV الجديد. في البداية هناك الواجهة الجديدة لنظام التشغيل، و التي تبدو أنيقة و عملية جدا، لكن الفكرة الأكثر تألقا كانت كيفية إستخدام الأوامر الصوتية للإبحار في عالم نظام التشغيل الجديد. بالتأكيد التحكم بالصوت ليس بالشيء الغير مألوف في مثل هذه الأجهزة، لكن الحقيقية هي دقة تنفيذ الأوامر التي أذهلتني بالشكل الأكبر. و يتجلى ذلك كثيرا عندما تم في المؤتمر سؤال سيري: “اعرضي حلقة موديرن فاميلي التي ظهر فيها إدوارد نورتن”، و بكل بساطة تقوم سيري بالذهاب لصفحة تلك الحلقة مباشرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق